الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الغر المامين .
قال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر: 73]
اقبل علينا الشهر الكريم اقبل بالخيرات الحسان .. ومن هنا انا خص الله اهل الصيام بأن لهم باب خاص.
من ابواب الجنة يقال له باب الريان وهذا الباب هو أحد أبواب الجنة الثمانية وليس باباً آخر، قال الحافظ ابن .
حجر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث: قوله إن في الجنة بابا قال الزين بن المنير إنما قال في الجنة ولم .
يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه، أخرجه . للبخاري انتهى.
والحديث المذكور المتفق عليه : إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل.
منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد.
و في الصحيحين عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ” إنَّ في الجنة باباً يقال له.
الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرُهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون،
لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد ” لفظ البخاري.
والحديث عن أبواب الجنة له معانٍ ودلالاتٌ جليلة في كل حين، ولكنه في شهر رمضان يكون أضعاف.
ما في غيره، وفي ضوء ذلك هذه بعض التأملات المختصرة: وفي رمضان تفتح أبواب الجنة كلها،
وهذا يذكِّر بالجنة ونعيمها وسرورها، فتفتيح أبوابها علامة أمنها وأمارة انشراحها ومَنْ بِها،
قال الله - تعالى -: ( جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ ) [ص: 50].
وقد اختصاص الصائمين بباب الريان من أبواب الجنة يدل على فضل الصوم، والمراد بالصائمين هم.
مَنْ أتبعوا صيام الفرض بصيام النوافل، ذلك أنَّ كل مسلم لا بد أن يكون من أهل رمضان وصومه، فدل .
على أن الاختصاص هو فيمن أتبع الفرض بنوافل الصوم .
أما حال أبواب الجنة بعد دخول أهلها إليها كحالها إذا دخل رمضان حتى ينقضي، والداخلون للجنان المتكئين .
على أرائكها الرَّافلون في نعيمها هم من إذا دخل رمضان كان لهم فيه مع ربهم من الصِّلة والإحسان.
بجوارحهم وألسنتهم وقلوبهم أعظم الشأن وأحسن الحال. فتنعُّم قلوب أهل رمضان كتنعم
أهل الجنان فيها، أُنساً بمولاهم وطاعته، وشوقاً لربهم ورؤيته.
وأم عن عدد أبواب الجنة ثمانية، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال.
في الجنة ثمانية أبواب”، والمراد والله أعلم الأبواب الأصول الكبار، ولكل بابٍ عملٌ يختص به،
وبَينَ هذه الأبواب أبوابٌ دونها، كالفروع عنها، كما يكون في الباب الصغير المسمى (الخَوخَة)
ويكون دونها في السعة والعظمة.
ومن صفات تلك الأبواب وسعتها : ما بيَّنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ” والذي نفس محمد بيده.
إن ما بين المصراعين من مصارع الجنة لكما بين مكة وهَجَر، أو هَجَرَ ومكة ” وفي لفظ: ” لكما بين مكة .
وهجر، أو كما بين مكة وبُصرى ” متفق على صحته. ومصراعي الباب جانباه .. وبرغم سعة هذه الأبواب .
فسيأتي عليها يومٌ تزدحم فيه، كما في صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان - رضي الله عنه - أنه قال : ولقد ذُكر.
لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام “.
وأول من تُفتح له أبواب الجنة هو سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد ثبت في صحيح مسلم.
أنه أول من يَستفتح باب الجنة، وفي رواية عند الترمذي قال - صلى الله عليه وسلم : فآخذ حلقة باب الجنة .
فأُقَعْقِعُها، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتحون لي ويرحبون، فأخِرُّ ساجداً “، وفي رواية عند مسلم: ”
فيقول الخازن: مَنْ؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أُمرت أن لا أفتح لأحدٍ قبلك “.
ولأبواب الجنة حلقات يُمسك بها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها .
رواه الترمذي، قوله: أقعقعها: أي أحركها، قال ابن القيم: وهذا صريح في أنها حلقة حسية تحرك وتقعقع..
فإذا كان المسلم سبَّاقاً لأعمال البر المتنوعة فإنه يكون مؤهلاً لأن يدعى من كل أبواب الجنة لدخولها،
وهذا ما بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق - رضي الله عنه.
وقد سمي باب الصيام (الريان) من الرِّيِّ الذي هو ضد العطش، هذا مما وقعت المناسبة بين لفظه ومعناه.
لأنه مشتق من الري و، هو مناسب لحال الصائمين. هذا فضل الله علينا اللهم زدنا من فضلك.