أم سلمة
أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة
هي
هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ، المخزومية القرشية ،
صحابية جليلة من المهاجرات الأول ، وهي بنت عم خالد بن الوليد ، وبنت عم
أبي جهل بن هشام ، وقد كانت تعد من فقهاء الصحابيات .
أمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة الكنانية ، من بني فراس الأمجاد .
زوجها
هو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم -أبو سهل –
صاحب الهجرتين ، وأمه برة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي e ، وكان أبو سلمة أخاً للنبي e من الرضاع ، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب .
وقفت
إلى جانب زوجها وتحملت معه صنوف العذاب وأقساها ، ثم هاجرت معه إلى الحبشة
فراراً بدينها ، بعد أن تركت الوطن والأهل والمال لأجل دينها .
وولدت في المهجر ابنها سلمة .
وبعد أن عادوا من الهجرة الأولى ، ثم هاجروا إلى المدينة بعد أن أذن النبي e لأصحابه بالهجرة .
ولقد لقت أم سلمة وزوجها أشد المعاناة في هجرتها هذه وكانت مأساة بالغة.
فلنتركها هي تتحدث عن هذه الهجرة ، حيث قالت :
لما
أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل بعيرا له وحملني وحمل معي ابني سلمة
، ثم خرج يقود بعيره فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا : هذه
نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد ونزعوا
خطام البعير من يده وأخذوني فغضب ، ثم ذلك بنو عبد الأسد وأهووا إلى سلمة
وقالوا : والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني
سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد ورهط أبي سلمة وحبسني بنو
المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني وبين
زوجي وابني فكنت أخرج كل غداة وأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سبعا
أو قريبها حتى مر بن رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي ، فقال لبني المغيرة :
ألا تخرجون من هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها ، فقالوا :
الحقي بزوجك إن شئت ورد على بني عبد الأسد عند ذلك ابني ، فرحلت بعيري
ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق الله
فكنت أبلغ من لقيت حتى إذا كنت بالتنعيم([1]) لقيت عثمان بن طلحة([2])
أخا بني عبد الدار ، فقال أين يا بنت أبي أمية ، قلت : أريد زوجي بالمدينة
، فقال: هل معك أحد ، فقلت : لا والله إلا الله وابني هذا ، فقال : والله
مالك من مترك ، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني فوالله ما صحبت رجلا
من كان أكرم منه إذا نزل المنـزل أناخ بن ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها
فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري قدمه ورحله ثم استأخر عني وقال اركبي فإذا
ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى نزلت ، فلم يزل يصنع
ذلك حتى قدم بن المدينة فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : إن
زوجك في هذه القرية وكان أبو سلمة نازلا بها وقيل أنها أول امرأة خرجت
مهاجرة إلى الحبشة وأول ظعينة دخلت المدينة ويقال إن ليلى امرأة عامر بن
ربيعة شركتها في هذه الأولية .([3])
وبالنسبة إلى زوجها دعاه رسول الله e
ليكون على سرية ، وعقد له لواء ، وقال : سر حتى تأتي أرض بني أسد ، فأغر
عليهم ، وكان معه خمسون ومائة ، فساروا حتى انتهوا إلى أدنى قطن من مياههم
فأخذوا سرحاً لهم ، ثم رجع إلى المدينة بعد بضع عشرة ليلة .
ولما
دخل أبو سلمة المدينة انتقض جرحه الذي أصابه يوم أحد ، وقد ظنه من قبلُ
أنه التأم ، فمات لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة أربع ، وقيل سنة ثلاث .([4])
عن
عبيد بن عمير ـ رحمه الله ـ قال : قالت أم سلمة : لما مات أبو سلمة قلتُ :
غريبٌ وفي أرض غُربةٍ ؛ لأبكينه بكاءً يُتحدثُ عنه ، فكنتُ قد تهيـأتُ
للبكاء عليه ؛ إذ أقبلت امرأةٌ من الصعيد ، تريد أن تُسعدني ، فاستقبلها
رسول الله e وقال :" أتُريدين أن تُدخلي الشيطان بيتاً أخرجه الله منه ؟ مرتين ". فكففتُ عن البكاء فلم أبكِ . اهـ .([5])
الصعيد : المراد بالصعيد هنا : عوالي المدينة .
تُسعدني : يعني تساعدها .
عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله e : "إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ، قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت النبي e ، فقلت : يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات ، قال : قولي اللهم اغفر لي وله
المصدر : مملكة الاميرات